حوار أجريته منذ سنوات مع الفنان شوقش، ونشر في موقع بص وطل.
----------
فنان شاب كما يجب أن يكون!
كان أحمد شوقى، الشهير الآن بشوقش، يجلس خلفى فى الفصل فى
المدرسة، ولم أكن أتخيل أن هذا الشاب النحيف الخجول ذا النظارة السميكة "هيطلع
منه كل دة" عندما يكبر!
أحمد شوقي رسام كوميكس، ومصمم
جرافيك، يبني مواقع الإنترنت، ويكتب القصة والرواية، ويصمم الإعلانات
التليفزيونية، ويكتب قطعا موسيقية على الكمبيوتر، ويصمم الرسوم المتحركة ببرنامج
فلاش، ويرسم اللوحات الزيتية، كما فاز مؤخرا بأحد مراكز مسابقة دولية في نظم الشعر
بالإنجليزية!
ربما لا يكون شوقش مشهورا في
مصر، هو حتى لم يضع اسمه على سلسلة قصص بيسو المشهورة، لكنه معروف في مجتمع
المصممين في كثير من دول العالم، وفي
مجتمعات الفنانين الإنترنتية. سبب آخر لهذا هو أنه لا يركز في عمله على السوق
المحلي لضعف عائده المادي، ومعظم تصميماته نفذها لشركات أجنبية، وكل هذا يعمله من
غرفته الصغيرة بمنزله والتي لا يغادرها إلا فيما ندر! كل ما يمتلك هو جهاز كمبيوتر
وخط تليفون متصل بالإنترنت، ورأس مليء بالأفكار. وبهذه الأشياء يقتحم بقوة هذا
البيزنس الكوني الذي لا يرى فيه أحد الآخر والذي يدور داخل أسلاك الإنترنت.
بقي أن أقول أن إجراء هذا
الحوار استغرق خمسة أشهر! فهو شخص مشغول إلى حد لا يصدق، حتى أكملناه أخيرا على
الماسنجر كي يليق بمجلة إنترنتية مثل بص وطل!
·
حــققت سلسة بيسو، الشيطان المشاكس، نجاحا كبيرا على
الإنترنت. وكان رواد الشبكة يرسلون قصص بيسو لبعضهم، كما انتشرت انتشارا هائلا عبر
المجموعات البريدية، لكنك حتى لم تضع اسمك عليها.
كانت بيسو فكرتي وكان صديقي وليد فكري هوالشخص الذي
اخترته ليرسمها معي.. كانت الفكرة في بدايتها أن نعمل وجودا نقديا للإعلان في
مصر.. لأن الإعلانات داخل مصر لا تجد من ينقدها.. قبل خروج حلقات
بيسو لم يكن هناك أي اعتراض على الإعلانات.. الإعلان يزعج الناس.. الإعلان
لا يقدم قيما جمالية.. الإعلان يخفي معلومات عن المنتج أو يزيف معلومات.. لا أحد
يراجع هذا الكلام.. فكانت الفكرة عمل موقع لنقد الإعلانات.. ولكني آثرت أن أنقد
الإعلان بالكاريكاتير.. كنت احلم أن يكون الموقع بعد فترة موقعا كبيرا يكتب فيه
خبراء الإعلانات والثقافة ويحولوا الإعلان إلى شكل راق كما هو الحال في الغرب، وفي
نفس الوقت لم أكن أتوقف عند الإعلانات ولكني كنت انظر أيضا للفيديوكليب. وكان
الكاريكاتير هو أول شيء أردت أن أفعله
لأنه في وجهة نظري على الانترنت أفضل كثيرا من الكلمات. ومن الجميل أن تنقد الفن
بالفن.
المهم في النهاية وجدت نفسي أرسم وحدي.. كانت البداية في
وجود إعلان إيزي موزو الذي اعتبرته إعلانا غير لائق اجتماعيا فنقدته بشكل
كاريكاتيري، وهذا مهم.
ومع الوقت وصلت
وليد فكري أخبار عن أن الرقابة منعت هذا الإعلان.. هناك موقع يقول أن
المدير للشركة المعلنة هو من منعه هذا غير صحيح.. كاريكاتير بيسو وصل لكل شخص على
الشبكة بما فيهم الرقابة بما فيهم شركات الإعلان نفسها.
انشترت حلقات بيسو لفترة.. بالرغم من أنني لم أضع اسمي، ولكن وضعت وصلة
لموقعي ففوجئت بكم كبير من الاتصالات. لكنني قررت أن أتوقف لأن هذا النوع من
الاتصالات أدى إلى تضييع كبير في الوقت. ولكني ما لبثت أن عدت لأهاجم ما سميته باستوديو اللحمة ثم بعد هذا هاجمت
الراقصة دينا.
موقع بيسو بيبيتو: http://piso.bebto.com/
|
·
عملت لفترة في رسم القصص المصورة، لكنك توقفت لأن العائد
المادي لا يكاد يذكر! ماذا تمثل القصص المصورة لك؟
القصص المصورة حلم بالنسبة لي!
المعاناة في القصص المصورة داخل مصر تكمن في عدد المجلات
المحدود، ويعتبرها البعض مجرد شيء يعمل للطفل مع أن التجربة أثبتت على النت أنها
شيء يهم الشباب أيضا. وإلا ما انتشرت الكوميكس الخاصة ببيسو بالرغم من أنني لا
أعتبر أنني قدمت كل قوتي في الرسم. وهذه هي مشكلة الميديا عموما في مصر.. فراغ
كبير بالنسبة لما يحتاجه الجمهور.. وسبب هذا الفراغ ما أسميه بأمية
الاستثمار.. الاستثمار في مصر لا يجيد
القراءة والكتابة جيدا لاحتياجات الشخص العادي.. يبني فهمه واستنتاجه على خبرة
شخصية ومحدودة لرب المال.. فلا يوجد مستمثر يريد أن يدفع أموالا كثيرة في مجلة
للكوميكس تكون مقدمة للشباب مع أن هناك مئات من هذه المجلات في بلجيكا وفرنسا
وأمريكا.. بل وهناك للكبار أيضا. والأهم من هذا أن الكوميكس في الخارج تتحول إلى أفلام..
وهذا ما يجعل أفلامهم فيها خيال خصب لأنها تنبع من خيال فنان.
الكوميكس وقفت على أشخاص معينين في مصر أيضا ولا يوجد
تجديد في الأسلوب وإن وجد فليس على مستوى الأشخاص الأوائل.. إن الروتين يمسك في
القصة المصورة بيديه وأسنانه الآن. والصفحة الكوميكس الواحدة تأخذ مجهودا من
الفنان حوالي ثلاث أيام يتقاضى عنها ما يتقاضاه مصمم جرافكس في 8 ساعات.. يا لها
من سخرية لاذعة من الكيان الاستثماري الأدبي.
بيسو جاءت في بيئة مستعدة لاستقبال الكوميكس.. وعندها
إمكانية ترويجية لها.. وهي طريقة أن تقوم ببعث الرسالة لأصدقائك.. فأثبتت بما لا
يدع مجالا من الشك أن الكوميكس في شكلها بالإنترنت لها جمهور وجمهور كبير.. ولا
أبالغ إن قلت لك أن الشعب المصري كله جمهور للكوميكس إن كانت تمسّه.. لأن الفن
المصري منذ أقدم العصور هو فن رسم القصة بالخطوط.. ومخاطبة العقل المصري بالرسم..
على شرط أن تمس حياته وتمس شيء يهمه .. ولهذا كانت دائما مواضيع بيسوهي مواضيع تهم
الناس.
جاليري شوقش:
http://shawkash.deviantart.com/gallery/
|
·
تقضى وقتا كبيرا أمام الإنترنت، وهي تمثل الأساس لجزء كبير
من عملك. ماذا تمثل الإنترنت بالنسبة لك، وكيف أثرت في تكوينك؟
بدأ الأمر بتأمل اللوحات الفنية وأساليب التصميم على
الإنترنت، أحضر اللوحات وأتفرج على المصممين الدوليين. وكان أول تعرف لي بكتاب
نهاية الطباعة لدافيد كارسون عن طريق الانترنت.. أعجبني الكتاب كثيرا من تصميم
غلافه. هذا الكتاب تحول في نفس العام إلى أشهر كتاب جرافكس في التاريخ.. وتحول
دايفيد إلى أشهر مصمم جرافكس في العالم.
في نفس العام بدأت العمل في إحدى شركات تصميم المواقع..
وكان سوقا جديدا.. فبدأت أدخل النت لأتعلم برنامج الفلاش وأتعلم الإتش تي إم إل..
هنا بدأت أدخل قناة فلاش على الآي آر سي.. وتعرفت على أول جيل من المصممين غيّر
شكل المواقع وعلموني وتعلّمت وعلّمت هناك.. كنت أجلس كثيرا جدا.. تعرفت على تاي
مصمم ماليزيا الأول.. وعلى جاك كوتر الكندي.. وعلى كوري أليكس كواحد من القوم
الذين شاركوا في تنفيذ توأدفانسيد 2advanced . تعرفت أيضاعلى
كمال اللبناني أيضا الذي أدار مشروع eye4u .
وتعرفت على رامي خليل البولندي اليمني.. والذي كان من الفريق الذي عمل المؤثرات
الخاصة لفيلم لورد أوف رينجزLord Of The Rings. وكنت أأسف كثيرا على القنوات المصرية في ذلك البرنامج التي بدت
كأنها أعدت لتكون أماكن للقاء العشاق.
قنوات الأر آي سي هذه ساهمت بشكل كبير جدا في تشكيلي.
مصممين كبار جدا لهم اسمهم على مستوى العالم تعلموا التصميم على الآي آر سي.. هناك
آلاف المواقع التي قام مصمموها بالدخول للآي آر سي ليسألوا عن شيء ينقصهم أوتكنيك
لا يعلمونه فهناك لكل برنامج قناة.. للفوتوشوب قناة وللفلاش قناة وللبرمجة قناة بل
ولكل لغة برمجة قناة مستقلة وفي كل قناة يوجد مجموعة خبراء ومبتدئين كل هذا يشبه
الورش المفتوحة.. وتجد ملايين الأشياء المفيدة. والمصممين الذين يدخلون من كل
العالم من الهند من ماليزيا من أمريكا من إنجلترا من بولندا من لبنان أيضا.. من كل
مكان رأينا مصممين.
·
اشتركت في مسابقة تصميم العملة المصرية ثم انسحبت فجأة؟
كانت تجمعني علاقة صداقة وليس تلمذة فقط مع الدكتور عباس
الشيخ مصمم العملة المصرية القديمة.. والذي طالما قالوا عنه انه أفضل مصمم عملة في
العالم. وكان دائما ما يصادق الطلاب
ويعدهم بأنه سيقوم بعمل معارض جماعية معهم.. كان دائما ما يحدوه القلق بخصوص من
سيقوم بعمل العملة بعده. حاول أن يعلم الدفعة التي سبقتنا في الكلية ولم أر منهم
أحداً للأسف في يوم ما تقابلنا كمصممين في البنك المركزي المصري. كنا
15 مصمما من مصر كلها.. لم أقتنع كثيرا..
علمت أن تغيير التصميم سيكون وراءه تغيير في قيمة العملة المصرية عندما لحظت المدة
المحددة للتصميم. كنت أحس أن الموضوع يحتاج لوقت أطول فتصميم عملة مصرية أحسن من
عملة عباس الشيخ أوعلى الأقل بنفس مستواها شيء ليس بالسهل. هم يظنون أن
الكمبيوتر يسهل العملية.. بالعكس..
الكمبيوتر ليس إلا أداة وكفى.. وعباس الشيخ كان أسطورة حقيقة في تصميمه. وأمضى
وقتا كافيا في عمل العملة المصرية وغيرها من عملات عالمية.
عندما زار بافيل فونيتسكي مصر.. وهوالذي صمم إحدى عملات
بيلاروسيا.. كانت صورة تصميمه كافية لإقناعك أن الموضوع لن يخرج بالجودة التي تريدها
في تلك المهلة القصيرة التي حددوها .. بافيل صمم القالب مباشرة الذي ستم الطباعة
منه. وأراني صورته. كنت مذهولا لدقة نحته.
·
هل وجود صورة لفونت من تصميمك في موقع جامعة جيللر هو ما
دعى شركة أدوبي لشراء هذا الفونت منك؟
ولماذا رفضت؟
نعم وصلوا لي ولغيري من الورقة التي كتبها الأستاذ لوك
ديفوري في صفحته بجامعة جللر.
http://jeff.cs.mcgill.ca/~luc/arab.html
عندما تزور موقع دايفيد كارسون المصمم الأشهر في العالم
ستجد صفحة باسمي عنده اسمها شوقي..
المكتوب تحتها هو كتابتي أنا فقد قال لي دايفيد اكتب ما يحلو لك.. كتبت يا ديفيد
أنا أحمد.. من مصر.. وأنا أعلم أنك دائما تنساني.. يا ديفيد لقد عرضت علي شركة
أدوبي أن أبيع تصميمي لهم.
وهذا يدل على أني معتز بما جاء من الأستاذ الإيراني الذي
كلمني باسم شركة أدوبي لكي أعرض عليهم الخط الخاص بي.. ولكني اعتذرت..كان تقديمي
لشركة أدوبي خطوة مهمة جدا.. لقد كان مهماً أن أبيع فونتا لشركة أدوبي، ولكن كلمة
"مهم" هي كلمة نسبية.. فأنت عندما ترى مبدأ أن تتعامل كفرد مع شركة
عملاقة مثل أدوبي، فأهمية هذا في كون المصمم المصري نجح للوصول إلى شركة عالمية
مثلها، وأن المصمم المصري قادر على تحطيم جدار الصمت المفروض حولنا في التصميم،
أعني جيدا ما أعنيه حينما أقول لك "جدار الصمت" فهناك جدار يجبر المصمم
المصري على الصمت... حرب الإعلانات التي تروج لفكرة الأمركة.. وفكرة العري..
والفكر الغربي عموما هي حركة يلعب فيها المصمم المصري دور الخاسر الذي يرتدي رداءا
فلكلوريا.. وأنا أحدهم.. لأن كثير من المصممين المصريين للأسف يسرقون من الإعلان
الغربي ويغيرون فقط الاسماء.. هذا ما حدث من ناس كبار جدا ولهم أسماء كبيرة في
عالم الإعلان في مصر. وكانت عملية بيعي لتصميم مثل هذا لشركة أدوبي أن أقول لهم
أننا يمكننا أن نبدع أيضا ونتفوق على الغرب.. ولكن هذا ليس أهم شيء.. هناك شيء أهم
هو أن الفونت ليس الشيء الأوحد الذي أود تقديمه باسمي لهذا العالم.. ولم يكن أبدا
إنجازا.. إلى هذه اللحظة أعتبر نفسي صاحب صوت فقير وصاحب بصمة متواضعة.. لا زلت
أحتاج للكثير والكثير حتى أستطيع التواجد في الحيز الذي أطمح أن أصل إليه.. أريد
أن أعمل فونتات كثيرة من نسب المصري القديم.. أقوم في عام 2005 بعمل تحطيم لجدار
الصمت في الفونت العربي في مشروع أرابيان ألفين.. أنا وضعت هذا من أولويات عام
2005. وسيكون هذا إنجازا إنشاء الله. ستتعجب أني بدلا من أن أبيع لأدوبي سأنزل
فونتات مجانية.. هذا مهم يا أخي.. المادة موجودة ومتوافرة والحمد لله ويكفيني
القليل.. الآن التحدي العربي هوالمهم.. أن نتحدى الويندوز مهم.. أن نتحدى الجرافكس
الخاص بالويندوز مهم.. مهم جدا.. لأننا نواجه موجة احتكارية جبارة في عالم
الإليكترونيات.. لا يمكن أبدا عزلها في نطاق نقابة المهندسين وغرفة صناعة
البرمجيات.. أبدا.. إنها تشمل الأدب وتشمل الفن وتشمل فكر واجتياح لثقافتنا
العربية في عدة صور وليس في صورة واحدة.. والتكنولجيا تحتضن الوسائط الآن.. كثير
من الكتاب في هذا البلد يشاركونني نظرية فكرة نهاية الطباعة.. ومزج الشاشة الفضية
بالشاشة الكمبيوترية.. فالحرب حرب وسائط ناقلة لكل مجالات العلم والثقافة. ويجب أن
تحدد دورك الآن وفي هذه الأيام وإلا سيلومك أبناؤك!
·
احك لنا عن هذا البيزنس الإليكتروني الذي تقوم به عبر
الشبكة.
في وجهة نظري أن هذا النوع من الأعمال لا يزال في مرحلة
انتقالية، مع احترامي لكل من كسب من ورائه حتى ملايين.. ولكن لا يزال يتطور وبشكل
متوسط السرعة.. على الأقل في مجالات حيوية كثيرة مثل مجالات الـb2b أي
الشركات التي تقوم بعمل بزنس مع شركات .. المشهور عند عامة الناس فكرة شراء منتج
من على النت بكارت الدفع النقدي.. فيبعث البائع المنتج.. هذا اسمه b2c أوbusiness to consumer
أنا قمت بالعديد من الاعمال مع دانيال هوارث رجل الأعمال
الانجليزي.. منذ عام 2000 وأعمالنا متنوعة حيث تعرفنا على بعضنا في مواقع بيع
وشراء الدومين نيمز كان قد باع العديد من الدومينات المشهورة.. ومنه قمنا بعمل
أفكار ومشروعات كثيرة منها ما باء بالفشل ومنها مازال ناجحا وبعضها مازال قيد
التنفيذ.. كان هناك مشروع لعمل موقع للبزنيس في اليابان.. كما عملنا موقعا مماثلا
لأمريكا.. موقع البزنيس الياباني متوقف للتعديل الآن.. هناك سيرفر أجّرناه أيضا..
وعلى مستوى آخر قمت بعمل تصميمات لشركات خارج مصر وتقاضيت عليها أجرا.. وما إلى
هذا مما يصعب علي أن أذكره لك من خلال تجارب استغرقت أربع سنوات.
يهمني على هذا أن أشرح أن هناك ملايينا تتحرك على
الانترنت ونريد أن نتوسع كلنا في عالم التجارة الأليكترونية. إن إي ماركتير emarkter تنبأت أن التجارة العالمية في فرع ال b2b ستصل إلى 1.4 تريليون دولار أمريكي على نهاية
2003، وعندما حل عام 2004 كان الرقم الفعلي هو 2.7 تريليون دولار أمريكي!!
تنبؤات أخرى اعتمدت على آخر تقارير عن هذا السوق تقول أن
أمريكا في عام 2005 ستربح نصف أرباح السوق العالمي في الb2b .
سبعون بالمائة من شركات العالم تشتري من على النت
وتبيع.. والسؤال أين هو الواقع الرقمي المصري في ظل هذه الأرقام؟ إن الحركة
المصرية غير محتلة لأي مكان إعرابي محدد أمامي في حوار الb2b هذا ولغة الأرقام هذه.
وسأكون شاكرا لو حصلت على إجابة واضحة ومرضية في نفس الوقت.
·
كمصمم، ما رأيك فى مدى سيادة القيم الجمالية وأسس
التصميم فى البيئة المصرية حولنا؟
موضوع كبير من الصعب أن أجيب عليه بشكل منهجي ولكن دعني
أنطلق بخاطرتي، بداية يوجد جزء عريق، يحمل عبق التاريخ/ يحمل آثار حضارات تجاورت وتفاعلت ببعضها البعض على أرض هذا
البلد.. كان لكل منها فكر خاص ومنهج فلسفي خاص بها.. ولكل حضارة منهم تأثير مباشر وغير مباشر على ما
نحن عليه الآن.. أعني هنا بكلمة (( تأثير )) وجود تأثير جذري.. في كل حضارة تقريبا
مهما بعدت هذه الحضارة عن أرضنا..
الوجه المصري.. دعني أحكي لك تاريخ مصر لوأردت من خلال
مجموعة تسير في الشارع في مصر القديمة.. ستجد الوجه العربي، والوجه المصري، والوجه
الروماني، والوجه الإغريقي والوجه النوبي.. والوجه الفارسي والآسيوي.
.. ستجد الأعين الضيقة التي يتحلى بها الفلاح المصري
التي تصمد في وجه الريح.. ستجد ألوانا كثيرة.. أبيض.. أحمر.. برتقالي. ستجد
الأزياء الشعبية نفسها مزيج بين الزي العربي.. والزي الروماني.. الملاءة اللف
والخلخال من الأزياء الرومانية أصلا.. المهم أن هذه القوالب كثيرة ومتعددة يصعب
عليّ أن أنقد لك البيئة المصرية بوجه عام قبل أن أقول هذه الخاطرة.. نحن بحاجة
لتجميل العاصمة وتجميل معظم البلاد لترقى للوجه الذي عليه الدول المتقدمة..
المشكلة الأساسية أن هذا يحتاج إلى طفرات وليس طفرة واحدة.. ولكني أعتقد أن هذه
الطفرات يمكن حدوثها سواء في مجال التعليم والتربية أومجال الفن وتحريك الذوق الاجتماعي..
أنا أعتقد تماما أن هناك إمكانيات فنية – ومثل هذه الطفرات تحتاج إلى مهارات عالية
- على مستوى هذه الطفرات.. وأثق أن مصر فيها ألف بيكاسو وألف ليوناردة دافينشي..
قد لا أكون أنا فنانا بقدر ما أنا متكلم.. ولكني عن نفسي سأحاول ما استطعت وأتمنى
أن يحب الناس بلدهم لأن هذا هوالشرط الوحيد لنكون على مستوانا.
يا سيدي قل كلمة مصر أوإيجيبت لأي شخص أجنبي لم يزرها
وانظر كيف سيتخيلنا.. كثير جدا من الناس يقولون أنهم يتمنون أن يزوروا مصر.. لكن
لا أحد يتوقع أشياء معينة.. مثل مثلا إلقاء المهملات في الشوارع.. أوهذا التراب
والغبار الذين يملآن البلد.. أوهذا الزحام المروري.. أوهذا الاختناق في تخطيط
البلاد.
كثير من هذه المباني التاريخية كانت المسافة التي أمامها
فارغة.. ثم بعد هذا.. امتلأت بمباني والتصقت بمباني هذا ما استطيع قوله.. إعادة
تشكيل وحدوث طفرات.. وليس الأمر مستحيلا وليس من باب الخيال.. نرى ونشاهد مواهب
غير طبيعية لا يتم توظيفها بالشكل الأمثل في الشباب. ونحتاج أن نوظفها.
الإنسان المصري أصلا ذواق.. ويحتاج فقط لأن يطرح عليه
الذوق الرفيع بشكل مكثف فتجده قد سار به وجعله منهجا..
النظرية أثبتت أن الفن كله يستمد جذوره من الرسم
أوالنحت.. ولكن التجربة أثبتت أن قصر الفن على قناتين فقط هو قتل للشعب نفسه..
المشكلة تخص أساتذة الفن والتصميم كما تخص المزارع في مزرعته والعامل في مصنعه
والتاجر في متجره.. قضية عامة تفتقر لروح الحل.. مع أن الحل متوافر.. والقضية
مطروحة.. وإمكانيات تحقيق الحل موجودة.. بيئة خروج مليون طفرة فنية تعيد هيكلة
الجمال المصري وإحيائه مائة مليون مرة موجودة. وهذا واقع وليس تشبيه ولا كلام
ثرثرة أدبية.
·
تجربتك فى التأليف الموسيقي؟
هي تجارب لازالت غير مكتملة وأفضل عدم الحديث عنها في
الوقت الحالي.
·
تجربتك فى كتابة الروايات والشعر؟
الرواية بالنسبة لي بدأت من الصغر .. و كنت أحب كتابة
الرواية بشكل كبير جدا لأني قرأت فيها بشكل كبير من صغري.. كنت أحب دائما تأليف
الشخصيات.. و تهيئة الجو العام للشخصية .. وفهم النسب الزمنية و النسب الشكلية و
النسب المكانية لها .. كل هذا كنت أحدده بشكل تلقائي. العائلة أخدت موقفا جيدا معي
في موهبة الرسم و هو
أنهم اشتروا لي كتبا و عرفوني على فنانين من الصغر لأرسم على أيديهم .. لكنهم لم
يتخذوا أي موقف تجاه القصة و الرواية. ولكن الشخصيات خرجت أخيرا على شكل روايات و أنا
في الثالثة عشرة تقريبا .. و كنت قد جاهدت كثيرا لأصل للقالب الروائي .. لأن مشكلة
الرواية أنك تكتب عددا كبيرا من الصفحات.. و أنا لم أكن أجيد فن القصة القصيرة..
قد أجيد فن القصة فقط .. و لكن ليس القصيرة.. المهم أني كتبت عدة روايات و أرسلتها
للدكتور نبيل فاروق .. لأني كنت معجبا بتجربة ملف المستقبل الخاصة به .. و الواقع أن الدكتور نبيل فاروق أثنى كثيرا على
الروايات .. و أخد عليّ نقطة اللغة العربية والقصور فيها .. ثم أخد عليّ أيضا نقطة
أنه لا توجد شخصيات نسائية في رواياتي ..
و قد عملت جاهدا بعد هذا للتعرض لمدارس مختلفة من الروائييين وصقل اللغة العربية والخبرة،
ولكني لم أتفرغ لنشر أي من تجاربي لأن الرواية هي هواية بجوار هوايات أخرى أهم عندي..
كما أنها تحتاج يوم أن تؤديها إلى تفرغ
كامل. وسيأتي إن شاء
الله الوقت الذي أكسو فيه العديد من الهياكل الروائية الموجودة في مكتبي.
·
ما تقييمك لمستوى الفنانين والمصممين المصريين حاليا على
ضوء اطلاعك على التجارب الغربية؟
التقييم للفنانين و المصممين المصريين هو أنهم قاصرون لسبب
عدم انفتاح ثقافتنا الواعي على الثقافات الأخرى. نحن ننفتح على ثقافات معينة و
بشكل عشوائي .. و هذه مشكلة تمس الإعلام
ككل.. ولو كان انفتاحنا منهجيا لخرجنا بقولبة أفضل يمكنها ان تنافس لأن المصمم المصري بطبيعته خلاق و ينافس في
قدرته الابداعية قدرة الغرب .. كما أنه يعمل بجهد كبير .. و لا يؤمن بقيمة العمل إلا عندما يعطيه أقصى مجهود .. و
بهذا نقول أنه يمتلك ميزة الآسيويين .. ولكنه مبدع بشكل أكبر.. أقرب مثال للقولبة
المصرية في التصميم هي القولبة البرازيلية و الأرجنتينية و المكسيسكية. أنا أتمنى أن ينفتح المصمم
المصري على هذه الثقافات أكثر من انفتاحه على الأمريكان.
و لو سألتني ماذا أرى للمصمم المصري خلال الاعوام
القادمة، فاقول لك أنني أرى له مستقبلا مزهرا في عالم الجرافكس و التصميمات عموما.
·
من يعجبك من المصممين المصريين حاليا؟
يعجبني شريف الليثي و أشرف بدوي.
·
أشخاص أثروا فيك وتعتبرهم مثل أعلى؟
الدكتور أبو بكر النواوي الأستاذ في كلية الفنون
التطبيقية قسم الزخرفة .. وهو مشهور بفن الباستيل .. النواوي برهن لي بشكل عملي و
نظري معا على أن الفن كله بما فيه فن الموسيقى نفسه و أي كلمة فيها فن أصله إما الرسم أو النحت ..
و كان الدكتور نبيل درويش يزيد لي الطين بلة في الماضي و يقول أن الفنان هو أبو
العالم .. فكل الأشياء خرجت من الفن .. فيمكن ان تقول أن الدكتور أبو بكر النواوي
والدكتور نبيل درويش أثرا فيّ تماما .. لأنهم اعطوني الشخصية المصرية في التصميم
.. لا سيما نبيل درويش الذي قضى خمسة عشر عاما من حياته أمام قطعة خزفية في المتحف
المصري لكي يفك اسرارها .. و بذلك كان أفضل مصمم خزف في العالم.
· هل لديك أقوال أخرى؟
قولتي هي قولة قالها الفنان صلاح طاهر الفنان
يوما و سمعتها منهو كان ينقلها من شخص اخر و ها انا انقلها منه الآن:
علموا الناس الفن و افتحوا السجون.