تحوّل شارعنا أخيرا إلى سوق للخضار.
في الصباح الباكر تأتي سيارات النقل وتُنزل حمولتها ليتم فرش الشارع بأقفاص الطماطم والخضر، تاركين مساحة ضيقة تمر منها السيارات، حتى يجبروا السيارات المسرعة على الإبطاء لإلقاء نظرة على بضائعهم.
ثم تأتي عربات أخرى تجرها الحمير محمّلة بالموز والبرتقال لتقف إلى جوار أصحاب الأقفاص، ويفك أصحابها الحمير ويصعدون بهم على الرصيف ليربطوهم في جذوع الأشجار، مع فرش الرصيف بما تيسر من البرسيم ليتسلى الحمار أثناء النهار.
أما صاحب عربة البطاطا فيقف بحماره في منتصف الميدان لتظل السيارات تدور حوله في محاولة للمرور، بينما يقف عسكري المرور بالقرب منه ولا يكلف خاطره أن يطلب منه أن يتحرك من المكان.
ثم أتى شخص ما بطوب وأسمنت وألواح من الصاج وقام ببناء كشك على الناصية، وفرش طاولة أمام الكشك ملأها بأنواع من الحلوى والشيبسي وسائر البضائع التافهة، مع بضع أحجار في الشارع كي لا يركن أحد سيارته أمامه، ثم فتح عمود النور المجاور ليأخذ الكهرباء اللازمة لتشغيل ثلاجة البيبسي وأربعة مصابيح كل واحد بقوة مائتي واط.
النتيجة النهائية هي أن الشارع الذي كان راقيا في يوم ما تحول إلى فوضى شاملة، مصاب بجلطة مرورية مزمنة، ولا يخلو نهارا أو ليلا من بقايا أعواد البرسيم التي تأكلها الحمير، بينما أجهزة الدولة المعنية في غيبوبة كاملة.
No comments:
Post a Comment