Tuesday, July 29, 2008

حسن ومرقس.. لكن أين كوهين؟


ها هو أخيرا الفيلم الذي يُنتظر أن يكون الحصان الرابح لهذا الموسم، والذي اختار أن يتحرك وسط ألغام موضوع شائك كالوحدة الوطنية.
لدينا هنا إمام مسجد، وواعظ مسيحي (كان قسا في النسخة الأولى من السيناريو قبل أن يتم استبداله بواعظ) كل منهما مهدد بالقتل. الإمام مهدد بالقتل بواسطة جماعة إرهابية كان أخوه أميرا لها، ثم أوصى له بالإمارة قبل وفاته، لكنه رفض الإمارة فأصبح مستهدفا من قبل الجماعة. أما الواعظ فقد دعا في مؤتمر للأديان بنبذ العنف، فأصبح مستهدفا بالقتل من جماعة إرهابية مسيحية قامت بتفجير سيارته!
يأتي الآن دور ضابط أمن الدولة (عزت أبو عوف) والذي يزور كل منهما بطريقة منفصلة، وعلى طريقة برنامج حماية الشهود الأمريكي - والذي يقوم بتغيير اسم الشاهد المهدد بالقتل ونقله للحياة في مدينة أخرى مع تأمينه ماديا وأمنيا واجتماعيا - يعطي ضابط أمن الدولة الإمام اسم مرقص، والواعظ المسيحي اسم حسن، ويرسل كل منهما إلى مكان بعيد عن محل سكنه، حماية له من الاغتيال.
تكمن المفارقة في أن يرتدي كل من المسيحي والمسلم ثوب الآخر ليعيش في عالمه، والهدف هنا أن يكتشف كل منهما الآخر لنعرف في النهاية أن الإنسان واحد حتى لو اختلفت الديانات والطقوس. الفكرة جيدة والهدف نبيل، لكن الفيلم مهلهل تماما دراميا على عادة أفلام يوسف معاطي. لاشيء يتم تبريره دراميا بطريقة كافية. مصادفات غير منطقية. الشخصيات لا تتطور دراميا. الحلول الدرامية سهلة وتجافي المنطق. وهناك الكثير من الملاحظات:

1. قبل أن ندخل في الانتقادات لابد أن نشيد أولا بالموسيقى الفخيمة لياسر عبد الرحمن والتي كانت أفضل عناصر الفيلم، خاصة عند قيامه بالمزج الساحر بين التواشيح الإسلامية والألحان القبطية في مزيج واحد، وإن كان هذا الأمر ليس جديدا، إذ سبقه إليه فنان فرنسي يدعى هيو دي كارسون.

2. على أساس أن اسم الفيلم هو حسن ومرقص فمن المفترض أن تكون مساحة دور حسن مساوية لمساحة دور مرقص، لكن بدا بشكل ملحوظ جدا أن مساحة دور عادل إمام أكبر من مساحة دور عمر الشريف، كما لم يوضع اسم عمر الشريف قبل اسم عادل إمام كما قيل في تصريح أثناء فترة الإنتاج.

3. هناك الكثير جدا من المصادفات غريبة وغير المنطقية، كتطابق ما يحدث لأسرة حسن وما يحدث لأسرة مرقص على مدى الفيلم كصورة المرآة، وهناك أيضا المصادفة الغريبة التي جمع بها المؤلف حسن ومرقص في مكان واحد عن طريق انتقالهما للسكن بالصدفة في عمارة واحدة، فقط لأن المؤلف أراد أن يجمعهما معا في النصف الثاني من الفيلم.

4. لم تكن الخطبة التي ألقاها الواعظ المسيحي خطيرة للدرجة التي تجعله مستهدفا للقتل بهذه الدرجة، فلم يكن ما قاله يتعدى ضرورة نبذ العنف، وهو كلام يقال كل يوم في الجرائد وقنوات التليفزيون، لكن بمجرد أن خرج من المؤتمر حتى تم تفجير سياراته بواسطة جماعة إرهابية مسيحية. وهي نقطة أخرى يبشرنا بها الفيلم، أن تتكون جماعات إرهابية مسيحية تستخدم العنف وتقوم بعمليات تفجير واغتيالات، وهو أمر مستبعد بدرجة كبيرة، نظرا لطبيعة الديانة المسيحية التي تنبذ الأمور الدنيوية على مجملها، وعلى هذا فلن يستطيع المتطرفون المسيحيون تأسيس جماعات بهذا الشكل على أساس ديني. ويضيف المؤلف هذه النقطة لأنه يصنع الفيلم بالمسطرة والأدوات الهندسية، حيث كان لابد من إضافتها لتكتمل صورة الرسم الهندسي المتطابق التي يصنعها كصورة المرآة.
وفي المقابل أيضا كان المبرر الدرامي لاستهداف عمر الشريف ضعيفا ومضحكا وغير منطقي، فهل من عادة الجماعات الإسلامية أن تتخذ أميرا من خارجها دون أن يكون له علاقة أو معرفة بأنشطة الجماعة وأمورها الداخلية؟

5. هل من السهل على منقبة أن تخلع النقاب الذي اعتادت عليه ثم تعود إليه وتخلعه عدة مرات بهذه البساطة كما فعلت زوجة الإمام؟ وهل من السهل أيضا على محجبة أن تتأرجح بين الحجاب وخلعه بكل هذه البساطة كما فعلت ابنة الإمام؟ والمفروض أنها أسرة متدينة ورب الأسرة شيخ عالم.

6. منذ متى وأمن الدولة تهتم بهذا الشكل بتأمين المواطنين المهددين؟ يتناقض هذا الأمر مع ما هو معروف عن هذا الجهاز باعتقال أقارب الأشخاص المطلوبين أمنيا والاحتفاظ بهم في المعتقلات لإجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم. ثم هل هذا الأمر من اختصاص أمن الدولة أم من اختصاص الشرطة؟ يتورط الفيلم في عملية تلميع إعلامي لجهاز أمن الدولة متمثلا في الضابط المرتبك خفيف الظل المشغول ليلا ونهارا لحماية البلاد من الأخطار.

7. يكرس الفيلم لكوننا دولة الكوسة من الدرجة الأولى. تم القبض على حسن ومرقص وهما جالسان أمام المخبز الذي يمتلكانه، ولم يوضح الفيلم سبب هذا الأمر في سقطة درامية أخرى، ولكي نبرر نحن الأمر دراميا نقول أن لعل الأمر وشاية ما من "إدوارد" و "يوسف داود". لكن مكالمة واحدة من حسن لضابط أمن الدولة كانت كفيلة بإخراجهما كالشعرة من العجين وإقفال القضية عند هذا الحد. الخلاصة التي أوصلها لنا الفيلم: يمكنك أن تروح في داهية إذا وشى بك أحد فتقوم أجهزة الدولة بتلفيق تهمة لك مع أنك لم تفعل شيئا، لكن في المقابل يمكنك أن تنفذ من ثقب الإبرة وتخرج بريئا في التو واللحظة إذا كنت تعرف أحد الكبار. لا قيمة للقانون هنا.

8. كان عمر الشريف يضحك من قلبه وهو يشاهد فيلم نجيب الريحاني، لكن بمجرد أن عرف أنه مسيحي حتى تجهم وصارت حركات الريحاني المضحكة مبعثا لشعوره بالامتعاض. وقد أتت هذه اللقطة قرب نهاية الفيلم، مما يجعلها تتناقض مع تطوّر الشخصية التي من المفروض أن تتزايد تسامحا بطريقة تدريجية حتى تصل إلى ذروة هذا التسامح في مشهد النهاية. لكن الحاصل أن الشخصيات لا تتطور دراميا وكل مواقفها غير مبررة. في المشهد السابق هو متعصب، لكن عندما يريد المؤلف فإنه يصبح متسامحا ومتآخيا مع الآخر، بل ويمسك يده ليعبر معه وسط المعركة الدامية.

9. المشهد الأخير كان كاريكاتوريا بامتياز. خطبة عدائية من هنا وخطبة عدائية من هناك وفي الحال خرجت العصي والمطاوي والجنازير وخرج الفريقان ليتطاحنا. للأسف لم تكن أي من الخطبتين مؤثرة ليخرج الناس بهذا الشكل، ولم يقل لنا أحد ما سبب هذا العداء المفاجيء؟ لكن لماذا نبحث عن أسباب وكل شيء غير مبرر في الفيلم. لكن هل هذه هي الرسالة النهائية التي ينقلها لنا الفيلم: أن الحرب الأهلية قادمة قادمة؟

10. عنوان الفيلم مقتبس من عنوان فيلم قديم من إنتاج عام 1954 لبديع خيري ونجيب الريحاني بعنوان "حسن ومرقص وكوهين".
ألا ترى معي أننا منذ 54 عاما قد كنا أكثر انفتاحا وأكثر تسامحا مئات المرات من الآن؟
طردنا كوهين من مصر وصار هناك حسن ومرقص فقط. الفرق بين "حسن ومرقص وكوهين" و"حسن ومرقص" هو الفرق بين مصر 1954 ومصر 2008. كل ما نرجوه ألا يكون فيلم الموسم لعام 2062 يحمل عنوان "حسن"!

Wednesday, July 23, 2008

الأسد الميكانيكي

هذه القصة نشرت في مجلة علاء الدين منذ حوالي سبعة أعوام (ربما ثمانية). سيناريو العبد لله ورسوم صديقي محمد إبراهيم العدساني، الذي سافر إلى السعودية بعدها ولم أسمع عنه شيئا منذ ذلك الحين وحتى الآن!
ربما كانت هذه هي المرة الأولى في العالم العربي التي يتم فيها صنع قصة مصوّرة ثلاثية الأبعاد. الفضل طبعا لمحمد العدساني الذي ظل يعمل في هذه الصفحات الثلاث لحوالي ستة أشهر على برنامج ثري دي ماكس، وقد كان المبلغ الذي تقاضاه عن القصة أحد أسباب هجرته إلى السعودية!
هذه القصة كانت هي المرة الأولى على الإطلاق التي أتقاضى فيها مالا عن شيء أكتبه. كان مبلغا صغيرا جدا لكني كنت سعيدا به جدا. أكثر مال فرحت به في حياتي.
لا أنظر إلي القصة الآن باعتبارها عملا جيدا جدا، أشعر أن بها الكثير من الأخطاء، وإن كانت بها فكرة لا بأس بها، لكنها ليست واضحة تماما. في انتظار سماع الآراء البناءة، والهدامة أيضا.


(يمكن الضغط على الصور للتكبير)



Tuesday, July 15, 2008

الشيء


طائرة هليكوبتر تطارد كلبا وسط الثلوج!
يالها من بداية مجنونة لفيلم! نحن الآن في القارة المتجمدة أنتاراكتيكا. الكلب يجري بكل قوته وسط البياض الثلجي الشاهق، والهليكوبتر تطارده وتمطره بالرصاص. تتحطم الهليكوبتر وينجو الكلب الذي نلاحظ أن له نظرات وتصرفات غريبة. لقد تم استحواذه بواسطة الشيء!

الشيء
دائما ما يحتل هذا الفيلم مكانا في أية قائمة تحوي أهم عشرة أفلام رعب في تاريخ السينما. الفيلم من إنتاج 1982 بعنوان The Thing وهو في الأصل إعادة لفيلم قديم صدر عام 1951 بعنوان The Thing from Another World، وإن كانت الإعادة أفضل بكثير من الناحية الفنية، ومن ناحية إخلاصها للقصة القصيرة التي أخذ عنها الفيلمين وهي Who Goes There? من تأليف جون كامبيل.
تدور الأحداث في القارة المتجمدة أثناء شتاء 1982، حيث تفاجأ محطة الأبحاث الأمريكية هناك بهذا التصرف المجنون من هليكوبتر فريق الأبحاث النرويجي الذي ينتمي لوحدة أبحاث مجاورة. يفشل النروجيون في إصابة الكلب من الهليكوبتر فيهبطون ويحاولون أن يلقوا عليه قنبلة لكنها تنفجر فيهم وفي الهليكوبتر.
يظن الفريق الأميركي أن جيرانهم النرويجيين قد جنوا، فيرسلون بعثة منهم لتفقد وحدة الأبحاث النرويجية المجاورة. يجدون هناك أن وحدة الأبحاث النرويجية في فوضى شاملة ولا يوجد أحياء، ويحصلون على عدة شرائط فيديو وأجهزة تسجيل من هناك لفحصها لاحقا. كما يجدون الكثير من البقايا الآدمية التي تم حرقها بالكيروسين.
بعد العودة يشاهد الفريق الأمريكي شرائط الفيديو ويعرف أن النرويجيين قد اكتشفوا بقايا غريبة لشيء هائل مدفون وسط الثلوج. يأخذ بعضهم الهليكوبتر لمشاهدة ما يبدو أنه بقايا طبق طائر مدفون، ويقدرون عمر الثلج المدفون فيه الطبق بحوالي 100 ألف عام.
يتم وضع الكلب النرويجي الذي لجأ إلى القاعدة الأمريكية في حظيرة الكلاب، لكن بعد وقت قصير تبدأ باقي الكلاب بالنباح، ويبدو أنهم أدركوا أن هناك شيء ما غير طبيعي في الوافد الجديد. فجأة يمر الكلب النرويجي بتحولات درامية، فتخرج منه لوامس طويلة تهاجم الكلاب الأخرى، ويبدو أن الكلب ينقلب ليصبح داخله هو خارجه ويقوم "بتغليف" باقي الكلاب وهضمها، وذلك في تتابع مؤثرات خاصة مذهل بمعنى الكلمة.
نعرف الآن أن هذا كائن تستطيع خلاياه أن تحاكي وتشابه أية أشكال أخرى من الحياة. وهو يقوم بهذا بكفاءة فائقة. وعندما يقوم بمهاجمة كائن آخر فإن خلاياه تقوم بهضم خلايا هذا الكائن لتستوعبها ثم تقوم بمحاكاتها لتأخذ نفس الشكل بالضبط.
تنتقل العدوى الآن من الكلب إلى أحد العاملين بالوحدة، ليبدأ الرعب الحقيقي. أحدنا هو الشيء، لكن من هو؟
ينتقل الشيء من شخص لآخر في الوحدة، وينتهي كل شخص يصيبه الشيء بالحرق، ويبدأ تبادل الاتهامات والشك. الجميع يشك في الجميع. واحد منا هو الشيء وهو يتظاهر بأنه ليس كذلك.
ينتهي الأمر باحتراق الوحدة بالكامل وموت كل من فيها عدا اثنين فقط ينجوان. لكن الفيلم يعطينا لمحة عن أن أحدهما قد يكون هو الشيء. لكن الفكرة الأكثر رعبا هي أن يكون الاثنان كذلك!

رعب ذو بعد سياسي
كان ذلك في فترة الثمانينات. المد الشيوعي والحرب الباردة، حين كان العملاء الشيوعيون هم أشرار السينما قبل أن يحل محلهم العرب الإرهابيون!
فكرة أن يكون العدو هو أقرب شخص إليك، أو أن يكون بيننا أناس يشبهوننا تماما لكنهم أعداء، هي فكرة تعكس الخوف من الشيوعية وعملائها. الشيء أتى من الفضاء الخارجي، مثلما أتت الشيوعية من الاتحاد السوفييتي في الجانب الآخر من المحيط. العملاء الشيوعيون بيننا، وهم أشخاص يشبهوننا تماما. قد يكون العدو صديقك أو أخاك أو جارك. لا يمكنك أن تعرف أبدا، لكنك ستفاجأ بحقيقته في النهاية.

الرصاص لا يقتل هذه الأشياء
رأى النقاد المؤثرات الخاصة الرهيبة التي صنعها العبقري روب بوتين كشيء منفر جدا وفائق الدموية. لم يحقق الفيلم إيرادات جيدة في شباك التذاكر، ربما بسبب صدور فيلم ET قبله بأسبوعين، وهو يقدم رؤية متفائلة جدا بخصوص الكائنات الفضائية. لكن الفيلم الآن حصل على حقه نقديا حيث ينظر له كأحد أفضل أفلام الرعب في التاريخ. وفي 2002 صدرت لعبة فيديو بعنوان The Thing مستوحاة من أحداث الفيلم حققت نجاحا لا بأس به.

أسمع أشياء غريبة هناك.
لا أريد أن أبقى هنا بعد.
لا تمش خلفي.
أنا لا أثق بأي منكم.
من الآن فصاعدا لا أحد يغيب عن عيني.
يجب أن ننام في ورديات.
إنه واحد منهم!


الفيلم: The Thing

1982

إخراج: جون كاربنتر


Sunday, July 13, 2008

أنا قلت نكتة


أنا قلت نكتة
جعلت العالم كله يبكي
لكنني لم أر
أن النكتة كان عليّ
أوه لا

أنا بدأت فى البكاء
مما جعل العالم كله يضحك
أوه ليتني كنت أدركت
أن النكتة كانت عليّ

نظرت إلى السماء
أخفيت عينيّ بكفيّ
وسقطت من السرير
جرحت رأسي بالأشياء التي قلتها

حتى متّ أخيرا
مما جعل العالم كله يعيش
أوه ليتني كنت أدركت
أن النكتة كانت عليّ

Bee Gees
I started a joke

ترجمة: ميشيل حنا

Tuesday, July 01, 2008

نجاتم دارند!

دوش وقت سحر از غصه نجاتم دارند
واندر آن ظـلـمت شـب آب حياتم دارند

يا سلام! حاسس بطرب فظيع وأنا باقرا الأبيات الفارسية دي، مع إني مش فاهم منها حاجة طبعا لكن إحساس الطرب ده وصلني من قراية ملحمة الحرافيش.
الأناشيد الغامضة في التكية اللي أصحابها ما بيفتحوش لحد. الأناشيد ذات اللغة غير المفهومة، يفنى الجميع في الملحمة العجيبة التي تمتد لعشرة أجيال كاملة، وتبقى الأناشيد.

أي فروغ ماء حسن إز روي رخشان شما
ابـروي خـوبي از جـاه رنخـسـدان شما

ملحمة الحرافيش ونجيب محفوظ. ولا حد يقول لي واقعية سحرية ولا أمريكا اللاتينية ولا بتاع. متهيألي مش ممكن يكون فيه سحر أكثر من كده.