Wednesday, February 16, 2011

هذا الأصلع الظريف!

الأصلع الظريف

لا أحد يعرف من هو حقا، كما أنه لا يرد على التعليقات، لكن من تتبعي للقناة التي أنشأها على اليوتيوب، استطعت أن أكوّن فكرة بسيطة جدا عنه، لا تزيد على أنه يعيش في شبرا، وأنه يمتلك كاميرا من النوع الذي يمكن إمالة شاشته لتستخدمها في تصوير نفسك!

خرج صاحبنا هذا من منزله في شبرا في الأسبوع الأول من الثورة وصوّر مظاهر السلب والنهب التي تعرض لها شارع شبرا

سرقة محل أسحلة وذخائر أيضا

ثم ذهب إلى أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون ليرصد المظاهرات المؤيدة التي دبرت في ذلك اليوم، وتحدث مع أحد اللواءات من منظمي هذه المظاهرات

ثم تحدث مع بعض المتظاهرين المؤيدين أمام مبنى التليفزيون. (تأمل تعبيرات وجه صاحبنا وهو يجري الحديث!)

هذا الفيديو السابق أعتبره واحدا من أعظم مقاطع الفيديو التي ظهرت حول الثورة. هذه هي نوعية البشر الذين يؤيدون مبارك. أعترف أنني شاهدت هذا المقطع أكثر من 20 مرة. تأمل منطق الحديث. تأمل الأسلوب. تأمل طريقة الكلام. انظر إلى عيني هذا الرجل الذي يدعي الانفعال كلما جاءت الكاميرا على وجهه، ثم يعود إلى طبيعته بعدها بثوان. هذا الفيديو في حاجة إلى دراسة متعمقة من علماء النفس وعلماء السلالات البشرية.

بعد هذا ذهب صاحبنا إلى ميدان التحرير، ورصد المستندات الحكومية وهي ملقاة على الأرض أمام مجمع التحرير.

بعد هذا نأتي للفيديو القنبلة. وهو يتفقد ميدان التحرير، وبالصدفة البحتة، أتى هذا الرجل المجنون ليتحدث معه

تحول هذا الفيديو في وقت قصير إلى أيقونة وعدد مشاهداته يزحف بسرعة نحو المليون، وقد تم نسخه مرات عديدة على قنوات أخرى على اليوتيوب.

شكرا لهذا الأصلع الظريف على مجهوداته الحميدة الممتعة التي صورها وأنجزها في يوم واحد. نتمنى فقط أن يعلن عن نفسه لنشكره حقا.

Monday, February 07, 2011

ملاحظات على هامش الثورة 2



·         امتلأت القنوات الحكومية – والقنوات الخاصة الموالية أيضا- بجواسيس عديدين تلقوا تدريبا منظما في الولايات المتحدة وخمسين ألف دولار و"بوكيت موني"، وظلوا يتآمرون على قلب نظام  الحكم لسنوات يسافرون ويجيئون وأجهزة الدولة نائمة على أذنيها، كأنه لا يوجد بالبلد جهاز مخابرات ولا جهاز أمن دولة ولا مباحث ولا شرطة سرية. الألطف من كل هذا أن الجواسيس يتم الآن استضافتهم في التليفزيون المصري ليتحدثوا عن الأساليب التي تدربوا عليها لقلب نظام الحكم ثم يعودون بسلام إلى بيوتهم دون أية مسائلة! أهلا وسهلا بكم جميعا!
·         المجتمع التكافلي الرائع الذي يعيش في التحرير الآن، والذي يتعاون فيه الجميع لأداء المهام المطلوبة كل حسب قدرته، ويشتري فيه من معه طعاما لمن ليس معه، يذكرني كثيرا بالمجتمع التكافلي الذي نشأ في عصور المسيحية الأولى، وهو أيضا قريب جدا مما يعرف في المسيحية بحياة الشركة. أية روعة!
·         أرجو ألا ينجرف الناس إلى تلك العادة القميئة بتغيير أسماء الشوارع والميادين، مثلما يريدون الآن تغيير اسم ميدان التحرير إلى ميدان الشهداء، وستظهر دعوات كثيرة أخرى لاحقا لتغيير أسماء العديد من الشوارع الأخرى.  لا نريد تغيير الأسماء.. فالأسماء لها ذكرى وتحفظ الهوية كلما كانت أقدم.. نريد تغيير الأفعال وتغيير الروح الميتة للبلد بروح أخرى جديدة تماما.
·         أفضل الصحف تغطية للأحداث بلا منازع هي الشروق، في المرتبة التالية وبفارق كبير تأتي المصري اليوم، أما الأهرام والأخبار وباقي الجرائد الحكومية فقد تحولت إلى بوق دعائي حكومي بالغ الفجاجة وبالغ السخف وبشكل بالغ الحقارة أيضا.
·         في إذاعة البي بي سي، كان المذيعون يتعجبون كثيرا من مصطلح البلطجية، وحين يأتي أحد الأخبار الواردة على ذكرهم يقولون أنهم "ما يسمى بالبلطجية"، إذ يبدو أنه لا أحد من المذيعين الذين ينتمون إلى جنسيات عربية مختلفة يفهم المصطلح. جعلني هذا أتعجب فعلا من مسألة هؤلاء البلطجية، والكم الهائل الذي انتشروا به في طول الشوارع وعرضها في كل أنحاء البلاد. أين كان هؤلاء ومن أين خرجوا وكيف انطلقوا جميعا في وقت واحد وفي كل مكان؟ هل كان نصف سكان هذا البلد من البلطجية ونحن لا نعرف؟
·         شاهدت مقاطع فيديو للمحال والمولات المنهوبة. فضلا عن أن عمل النهب نفسه هو عمل حقير، فإن الطريقة التي تم بها كانت في غاية الحقارة؛ من نهبوا لم يتركوا بالمحال قشة واحدة صالحة للاستخدام. يشبه الأمر شخصا أنهى ما في طبقه وجمع الفتات ولحس الطبق ثم أراد أن يأكل الخزف نفسه ولما لم يستطع قام بتكسيره. حتى أرخص وأثقل وأحقر ما في هذه المحال المنهوبة أُخذ، حتى زجاجات المياه حتى المناديل الورقية حتى الأدوات المكتبية المستعملة. كل شيء.. كل شيء.
·         في القناة الأولى، انتشرت نغمة استمرت عدة أيام تفيد بأن المقيمين في ميدان التحرير لم يسمعوا عن الإصلاحات والاستجابات التي قامت بها الدولة لأن القناة الأولى لا تصل لهم وهم في التحرير! وحيث أن قناة الجزيرة فقط هي التي تصل إلى التحرير فعلى هذا فهم مغيبين تماما عن المشهد والتطورات الحادثة، وانهمرت عشرات المكالمات الهاتفية التي تدعو إلى عمل شاشات في ميدان التحرير لعرض القناة الأولى على المتظاهرين حتى يعرفوا الحقيقة، فإذا شاهد المتظاهرون القناة الأولى وعرفوا الحقيقة فضوا الاعتصام وعادوا إلى بيوتهم!
·         هذه الثورة ليست ثورة خبز، ليست ثورة جياع كما يريدون تصويرها. هذه ثورة حرية. قام بها أبناء الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة وأبناء الطبقة الثرية أيضا. إن وائل غنيم الشاب الثلاثيني الذي يعمل مديرا للتسويق لشركة جوجل عن منطقة الشرق الأوسط يتقاضى راتبا يفوق راتب رئيس الوزراء نفسه. هل كان هذا الشاب جائعا ليخرج في المظاهرة؟ أكرر مرة أخرى: هذه ثورة حرية. هذه ثورة حرية. هذه ثورة حرية.

Friday, February 04, 2011

ملاحظات على هامش الثورة

179400_495344301127_547086127_6660043_5937512_n

· ما حدث كان يفوق القدرة على التخيل! عندما انطلقت الدعوة ليوم 25 اعتقدت أن الأمر لن يزيد عن عشرات الدعاوي التي تنطلق على الفيسبوك من حين لآخر، بعضها يحقق استجابة معقولة مثل حركة 6 إبريل، وبعضها يحقق استجابة بسيطة، وبعضها لا يُلتفت له على الإطلاق. لكن ما حدث حقا كان ثورة شاملة في كل المحافظات وفي وقت واحد بشكل لا يمكن لأي تنظيم سياسي أن يحققه، ولا حتى الحزب الوطني نفسه، شيء لا يقدر عليه سوى الفيسبوك!

· مع حظر التجوال في الثالثة وتوقف حركة المرور، انعدم إحساس الوقت، وصارت السادسة مساء تشبه تماما الرابعة صباحا.

· طول الجلوس أمام القنوات الإخبارية للتليفزيون والتنقل بينه وبين إذاعة البي بي سي على الراديو، هذه المتابعة المحمومة للأخبار طوال الليل والنهار أدت بي في النهاية إلى حالة من عدم التوازن. لم أعد أعرف كم الساعة الآن وفي أي يوم نحن. أشعر أنني على شفا الجنون.

· أكثر جملة كرهتها أثناء متابعتي للأخبار على مدى كل هذه الأيام هي جملة "دي مصر يا جماعة".

· لم تكن هناك سوى بضعة أكياس من لبن صباحو في باب الثلاجة، وسوبر ماركت مترو –الوحيد تقريا الذي يفتح أبوابه في المنطقة- خال من اللبن. حاولت الحفاظ على ما تبقى من اللبن من الاستخدام غير الحكيم لباقي أفراد الأسرة، للتمكن من عمل كوب واحد من النسكافيه باللبن يوميا. لقد انتهى عصر الوفرة وبدأ عصر التقتير.

· في اللجان الشعبية، الناس فرحون جدا بالسلطة. يقفون في الشوارع يقيمون الحواجز والمتاريس والأكمنة المرورية وينظمون المرور. يفتشون السيارات والأفراد. أغرب منظر رأيته في حياتي عندما بدأت الشرطة في النزول إلى الشوارع على استحياء بعد أيام الفوضى.. قام شباب اللجان الشعبية باستيقاف البوكس والمراجعة عليه قبل أن يسمحوا له بالمرور! الشعب الآن سلطة أعلى من الشرطة!

· وعلى الرغم من الدور الجليل الذي قامت به هذه اللجان الشعبية، إلا أن عملها لم يخلو من المساخر، قاموا بالتشاجر مع بعض الناس العاديين وأهانوهم بلا مبرر، وهناك من أصيب بالذعر من قائدي السيارات وظن أنهم بلطجية لأنهم يخرجون على السيارات مسرعين بالشوم والعصي، وعندما يحاول الهرب بالسيارة يطاردونه ويخرجونه منها ثم يوسعونه ضربا وتكسيرا ثم يتضح في النهاية أنه مجرد شخص مذعور. أما أسوأ شيء فيما كانوا يفعلونه هو حرق إطارات السيارات في وسط الشوارع، وهو عمل غير مبرر فعلا، فضلا عن الهباب الأسود الكثيف الذي يتصاعد من الإطارات يزكم الأنوف والعيون.

· وعلى مدى أيام من حظر التجول واختفاء السيارات من كل الشوارع، صار جو القاهرة نقيا بشكل لم أره من قبل أبدا! من الشرفة كانت الرؤية واضحة حتى مسافات بعيدة بدون غبار والجو له رائحة جديدة.

· كانت تنازعني رغبة للنزول، لكني رأيت أن فتح الصيدلية عمل لا يقل وطنية. نوع من أداء الواجب حتى يجد الناس الأدوية التي يحتاجونها، خاصة وأن معظم الصيدليات في المنطقة كانت مغلقة. كان هناك تكالب كبير من الناس على شراء احتياجاتهم من الأدوية. في الساعات الخمس التي أفتح فيها قبل موعد حظر التجوال كنت أقوم بعمل يعادل عمل اليوم كله. كان هذا مرهقا بشكل غير عادي. حاولت أيضا عمل نوع من التقنين حتى لا يأخذ بعض الناس كميات كبيرة من أصناف معينة فيحرمون منها غيرهم. المشكلة الكبرى التي ستظهر في الأيام القادمة هي الإنسولين وقطرات الجلوكوما وأدوية السكر وحقن منع الجلطات وأدوية السرطان والعلاج الكيماوي وغيرها من الأدوية الخطيرة المستوردة، أما ألبان الأطفال فقد بدأت فيها الأزمة بالفعل. مع كمّ المكالمات التليفونية التي لا تنقطع مع ضغط الناس على الصيدلية للشراء قبل حظر التجوال صرت أشعر كأنني جندي في الميدان، أتحرك بسرعة وأعطي أولويات للأهم قبل المهم، وصار تعاملي جافا جدا بلا مجاملات. هذا الضغط الشديد جعلني أنفجر في وجه كثير من الزبائن بشكل لم يعتده مني أحد من قبل. الأشخاص الذين يدققون كثيرا في تاريخ العلبة ويريدون علبة من إنتاج هذا الشهر، أو الذين يريدون علبة دواء أجمل من هذه وليس بها هذا الجزء المنبعج من الجانب، والذين كنت أتحملهم في الظروف العادية، رءوا مني وجها آخر تماما لم أتوقعه أنا نفسي، خاصة وأننا نعلم أن الأزمة إذا استمرت لأيام أخرى فسنضطر إلى استعمال الأدوية منتهية الصلاحية أيضا، خاصة مع توارد أخبار عن تعرض مخازن الشركة المصرية للأدوية في شبرا للنهب وسرقة سيارات التوزيع. منذ أيام عديدة لم نتسلم أية طلبيات أدوية، وهذا يعني أن ما ينفذ من أصناف لن يعوَّض قريبا.

· إيقاف حركة القطارات! سكك حديد مصر التي تعمل منذ 1854.. ثاني دولة تدخلها السكك الحديدية في العالم بعد انجلترا.. والتي لم تقف حركتها على مدى تاريخها حسبما أعلم.. توقفونها الآن لمنع الناس من الوصول إلى التحرير؟ أية صفاقة!

· قطع الإنترنت.. إيقاف الرسائل القصيرة.. إيقاف خدمة المحمول.. إيقاف حركة القطارات.. إيقاف حركة الطيران.. إيقاف المواصلات العامة.. سحب خدمات وزارة الداخلية بالكامل.. ما كل هذا القمع والعقاب الجماعي للشعب كله؟

· بعد أيام من الأزمة بدأت الناس في التنازل عن التناكة والرفاهية وصاروا يهتمون بالأولويات، صار الناس يقبلون استعمال بدائل الأدوية التي كانوا يرفضونها رفضا باتا فيما مضى، ويقبلون استخدام تركيزات مختلفة مع تعديل الجرعة. صارت هناك روح أخرى أفضل.

· لاحظت أيضا شيئا آخر، منذ بداية الأزمة لم أقم ببيع قرص فياجرا واحد!

· انتابني خاطر مزعج بخصوص مارينا وعشرات القرى الأخرى التي تنام في الشتاء على الساحل الشمالي بحراسة ضعيفة لا تكاد تذكر، والتي لم ترد لها سيرة في الأخبار. ماذا حدث لهذه القرى؟ ألا يمكن أن يكون المساجين الفارين والخارجين على القانون قد انتقلوا إليها واختبئوا في بيوتها المريحة الوثيرة؟

· أزمة في كروت شحن المحمول. الناس يدورون في الشوارع يسألون عن كروت الشحن. شخص ما كان يبيع الكارت فئة الجنيهات العشرة بخمسة عشر جنيها. حتى هذا الشخص نفذ ما عنده من كروت. كلها أيام وتتحول أجهزة المحمول إلى خردة بلا فائدة.

· أيام طويلة بلا إنترنت. شيء صعب للغاية! إلى هذا الحد تغلغلت هذه الشبكة في عروقنا. بدون إنترنت أشعر كأنني أسير بنصف رأس.

· لازال الأمر لم ينته بعد.. هناك عالم جديد ينتظرنا.. عالم مختلف تماما عما عرفناه أو اعتدناه.. نتمنى فقط أن يكون أفضل.