Wednesday, August 01, 2007

تلك الرائحة


نظرا لطبيعة عملي كصيدلي، ولأن الصيدلي في مصر يعمل عمل الصيدلي والطبيب والتمرجي والداية والمحاسب وشيخ الحارة في نفس الوقت، فإن عملي يتطلب مني أن أقترب من الناس بدرجة ما، والأمر الذي أقابله كثيرا عندما أقترب من الناس هو أن كثيرا من الناس ريحتهم معفنة.
قد تقول لي لماذا تقترب من الناس، فأقول لك لضرب حقنة أو تغيير على جرح أو إلقاء نظرة على مرض جلدي ما وما إلى ذلك. وبعيدا عن مجال عملي فإنني أقترب من الناس أيضا عند استخدام المواصلات العامة وفي مترو الأنفاق، وفي هذه المرة لا يكون لي حيلة في هذا الاقتراب، كما أن تحديد مصدر الريحة المعفة لا يكون سهلا في هذه الحالة، مما يوزع المسئولية على الجميع.
يمكنني أن أقول أن رائحة الرجال المعفنين تختلف بدرجة كبيرة عن رائحة الستات المعفنات. ورائحة عرق أصحاب كل مهنة تختلف عن رائحة عرق المهن الأخرى. ورائحة عرق الفلاحات والبوابات تختلف عن عداهن من ستات البيوت. ورائحة السّمان تختلف عن النحاف. للجزار رائحة يمكن أن نصفها بأنها رائحة لحميّة، ولطلبة الجامعة الذين يحضرون معامل الكيمياء رائحة حمضية حارقة، رائحة عرق العمال مثل المش المنتن، والخادمات رائحتهن كرائحة الكلور، والفلاحين والفلاحات لهم رائحة التراب والطين، عمال مرفق المياه لهم رائحة البيض الفاسد، وجارنا في الدور الأرضي له رائحة كولونيا الخمس خمسات التي يسميها الناس "ريحة الميّتين".
ورغم أنني مصاب بجيوب أنفية مزمنة، وهذا يؤثر على حاسة الشم، إلا أن أنفي يصر على استقبال الروائح الكريهة دون غيرها!

وتلك الرائحة – العنوان بالأعلى - هي رواية لصنع الله إبراهيم، كان قد أسماها في الأصل الرائحة النتنة في أنفي، ثم أشار عليه يوسف إدريس أن يغيّر الاسم إلى تلك الرائحة. ويبدو أنه كان يعاني من نفس المشكلة.

ولكي تشم رائحة شيء ما , يجب أن تجد بعض جزئيات هذا الشيء طريقها إلى أنفك. إذن فكل ما يشم هو كل ما يمكن أن يطلق بعضاً من جزيئاته إلى الهواء, سواء كان هذا الشيء خبزاً أو بصلاً أو عطراً أو برازا أو أي شئ آخر. هذه الجزئيات يجب أن تكون خفيفة وقابلة للتبخر Volatile وهكذا تستطيع أن تطير في الهواء إلى أنفك. لهذا فالحديد مثلاً ليس له رائحة , لأن جزئيات الحديد غير قابلة للتبخر.
خلف ممرات الأنف توجد مجموعة من الخلايا العصبية بحجم طابع البريد. مزية هذه الخلايا العصبية هي أنها في اتصال مباشر مع الهواء. لهذه المجموعة من الخلايا أهداب طويلة شبيهة بالشعر تزيد من مساحتها السطحية وبالتالي تزيد من قدرتها على التقاط الجزئيات. عند التصاق جزئيات جسم ما بهذه الأهداب تعمل الخلايا العصبية على جعل الإنسان يدرك أنه يشم رائحة.
معنى هذا أنك عندما تشم شيء ما، فإن جزيئات من هذا الشيء تكون قد دخلت بالفعل إلى نخاشيشك وخلاياك العصبية. لابد أنك الآن ستشعر بالقرف أكثر بعد أن عرفت أن الشم ليس رادار بعيد المدى، وإنما أداة اتصال مباشر مع الأشياء.

نداء إلى جميع الناس المعفنين: استحموا وارحمونا من ريحتكم المعفنة.

22 comments:

semsem said...

اضم صوتى الى صوتك
استحموا
رجاء البلد مش ناقص قرف

واطالب بزجاجه برفان لكل مواطن
او يبجبومزيل عرق ويرحمنا وخصوصا رواد المترو

تحياتى تدونه يجد اكتر من رائعه

bluestone said...

فليكن نداء كل الناس التعبانة
استحموا يرحمكم الله
لقد تسببت الرائحة في كراهية ومقاطعة تامة بيني وبين مترو الانفاق .. وخاصة عربة السيدات .. وما أدراك ما عربة السيدات !!! انها جحيم الأنوف .. !

البارفان والكولونيا محض ترف
استخدموا حتى النشا .. وارحمونا

Anonymous said...

انا بعتلك تا مهم ياريت ترد عليه
انا أشرف حمدي

محمد زكى عبد الرحمن said...

حاضر يا ميشيل .. أنا ح أخش أستحمى دلوقت حالًا

Michel Hanna said...

سمسم وبلوستون: ألف شكر على الدعم المعنوي!
كويس ان فيه ناس تانية لسة بتشم في البلد!
أشرف: رأيي هو رأيك علشان كده لقيت ان هيبقى مكرر اني أحط الاستطلاع
وبعدين الاستطلاع محاوب عن نفسه.

محمد: بارك الله فيك!

goodman said...

رغم انة موضوع محرج لكنة هام جدا ولكنى اتمنى الا يكون باب النجار مخلع

أشرف حمدي said...

دي حملة جديدة دي ولا ايه ؟
فيه أزمة مياه دلوقتي الناس حتستحمى ازاي ؟

السهروردى said...

طيب أنا مش عارف أقولك يا ميشيل
ولا أنا عارف أرد على الناس
لأن البوست والتعليقين الأولانيين غاية فى الإستفزاز

أرجو بس إن لو قابلت حضرتك صدفه مالاقيش ريحة عرقك معبقة المكان دخان مثلا
ومادام ريحة الناس مش عاجباك يبقى تسيب مهنة الصيدلة وتشوف لحضرتك شغلة تحت التكييف وتبطل تركب مترو وتشترى لنفسك عربية
وإلا بقى تستحمل وبلاش إستفزاز على المسا
أنا بأتعرض لنفس الروايح زيى زيك وبأعانى منها ومع إنى بأخد حمام قبل ماأنزل وأحط مزيل عرق وفى الأخر ريحتى بتبقى زيهم من عرقى
!!حاجة تقرف

Michel Hanna said...

أشرف: سيبك من حملة الإنترنت وخليك معانا في حملة الحموم دي :)

جودمان والسهرودي: لعلمكم أنا حتى البلوج بتاعي راشش عليه برفان، حتى قربوا من الشاشة كده وشموا.
الموضوع مش مستفز ولا طبقي ولا عنصري ولا حاجة، الظاهر اني متأثر بفيلم العطر، وبعدين صحيح ان الكلام محرج شوية، بس اعترفوا انه بوست دمه خفيف.

Anonymous said...

استحمى انت الاول واحنا وراك علطول

غمض عينيك said...

خلاص احنا نعمل حمله وبانارات ونقول مدونون من اجل الاستحمام

انت فعلا عندك حق...ياراجل دا انا لما باركب المترو بحس بخنقة فظيعة

حاجة وحشة اوي

S H A H said...

ايه الروايح الحلوة دي كلها, فتحت نفسي على الصبح يا دكتور

انا بناشد و اطالب من مدونتك الرائعة دي صديقي محمد طلبه برده انه سيتحمه كل يوم

عشان فكرة ان كتر الحموم هيمرضه

و سلام مؤقت

Anonymous said...

كصيدلى ابدأ أنت الأول
كل لما الواحد كان بيروح الصيدلية أيام شركة الأدوية الاقى الصيادلة
فففففففففففففففففففففففففف

بس خليك مثل الأول واحنا وراك على طول

وبعدين 40% من الشعب المصرى من الطبيعى يبان بريحة مقرفة
التهاب الكبد الوبائى والعادات الغذائية السيئة
وامراض الكبد كلها...

فمن الطبيعى الشعب يعفن خصوصا واحنا فى عصر العفن

جوستيـن said...

بضم صوتي والله

وبحط ملحوظة الصيف كمان وان الواحد لا مش طايق جمب الحر والزحمه تعفن كائنات سبحيه


انقذونا

جوستيـن said...

:D

Mai Kamel said...

ههههههههههههههه
بوست جميل قوي
بوست قوي بصراحة

mindonna said...

فكرتني برواية العطر يا ميشيييل
فعلا كان بيشبه ريحة الناس المعفنة برائحة الجبن الحامض
انت قريتها؟ ممتعة جدا

Michel Hanna said...

غمض عينك: حلوة حكاية مدونون من أجل الاستحمام دي. اعمل لنا البانر بقى

Michel Hanna said...

صح: صباح الفل
جوستين ومي كامل: شكرا ليكم
مايندونا: لا أنا شفت الفيلم بس.
تفتكري يغنيني عن الرواية ولا لازم أقراها برضه؟
ومبروك عودتك للتدوين.

أحمد جمال said...

لم يعجبني البوست يا ميشيل بأمانة .. أنا مش أشد المعجبين بك لكني شعرت أنه من العيب جداً أن نتحدث عن الناس بإعتبارهم هؤلاء الناس المعفنين .
نعم هناك أناس لا يستحمون ولا يضعون البارفان غالي الثمن .. لكن لا يصح أن نشتمهم بهذه النظرة الفوقية .. أعذرني أيضاً أنا لم أستطع أن آخذ كلامك أنه مجرد ضحك .
أظن أنك مدين لهؤلاء الناس بإعتذار .
تحياتي

Michel Hanna said...

مش نظرة فوقية ولا حاجة لأني مش عايش في برج عاجي، ما فيش داعي لوضع البرفان غالي الثمن لأن عندي حساسية في الجيوب الأنفية، بس الحموم لسة ببلاش وما بيكلفش.
يبدو أن اللغة كانت فجة قليلا
ساعات الواحد يبقى واخد حبوب الصراحة فيطلع الكلام مش لطيف.
وع العموم أنا أعلن اعتذاري لكل شخص حس ان الكلام موجه له شخصيا، وهذا لا يمنع من كوني مازلت أطالبه بالاستحمام برضه.

أحمد جمال said...

السخرية المبطنة سلاح فتاك فعلاً .
" أنا أعلن اعتذاري لكل شخص حس ان الكلام موجه له شخصيا، وهذا لا يمنع من كوني مازلت أطالبه بالاستحمام برضه"
يعني انت هنا يمكن أكون فهمت انك بتقول على كل واحد اتكلم انه بياخد الموضوع بشكل شخصي .. وانه من ضمن المعفنين الي اتكلمت عليهم ..
جايز حبوب الصراحة كانت قوية فعلاً يا ميشيل .

تحياتي برضة