ها هو أخيرا الجزء السادس من السلسلة الشهيرة التي حطمت الأرقام القياسية في العالم أجمع، والتي تحكي عن الساحر الصغير الشهير هاري بوتر صاحب العلامة على جبينه، والذي تقع على عاتقه مهمة إنقاذ العالم من أقوى سحرة الظلام الذي يعرف بفولدمورت. ذلك الجزء الذي طال انتظاره بعد أن تأجل عرضه من نوفمبر 2007، وهو الموعد المعتاد الذي كانت تظهر فيه أفلام هاري بوتر ذات الجو الشتوي والمرتبط بالعودة إلى المدارس، إلى يوليو 2009 لأسباب متعددة، منها مسألة إضراب كتاب السيناريو في الولايات المتحدة وغيرها. تدور الأحداث بقيادة ديفيد ييتس مخرج الجزء الخامس الذي يعود إلى السلسلة مرة أخرى، وبنفس أبطال الأجزاء السابقة، والذين يمكن أن تلاحظ بكل سهولة أنهم تقدموا كثيرا في العمر على أداء شخصيات طلبة في السادسة عشرة من عمرهم، فمثلا دانييل رادكليف الذي أدى دور هاري بوتر هو فعليا في العشرين من عمره، بينما رون الحقيقي في الحادية والعشرين!
كانت هذه هي المقدمة التقليدية، وكنتُ أمني نفسي بمشاهدة ممتعة وأنا أتابع تحول أحداث القصة إلى مشاهد حية على الشاشة الكبيرة، ولكن..
لأول مرة أخرج من أحد أفلام هاري بوتر وأنا غير راضٍ بهذا الشكل. لعله أقل الأفلام المأخوذة عن السلسلة في المستوى وأكثرها إثارة للإحباط. هناك مشكلة ما، بل عدة مشاكل في الحقيقة.
كنت قد قرأت الجزء السادس عند صدوره، وهو واحد من أقوى أجزاء القصة السبعة، فكيف تحوّل سينمائيا إلى هذا الفيلم المهلهل؟
- أولا لن يمكنك أن تفهم ما يحدث على الشاشة لو لم تكن قد قرأت القصة أولا، فالفيلم لا يشرح من يفعل ماذا ولماذا وأين.
- صحيح أن الكتاب السادس كان عظيم الحجم ويتجاوز الستمائة صفحة، وأنه ممتليء بالكثير جدا من التفاصيل التي يصعب ضغطها في فيلم واحد، إلا أن هذا ليس مبررا للفيلم، فالفيلم أيضا طويل يتجاوز الساعتين والنصف، وليس هناك ما يمنع أن يمتد لثلاثة ساعات أو أكثر ولم نكن لنشعر بالملل إذا استطاع أن يحافظ على الإيقاع. وفي الوقت نفسه فقد كان الفيلم يركز كثيرا على العلاقات العاطفية بين الطلاب، مما كان يمكن حذفه لأنه لا يخدم القصة الأساسية كثيرا لإعطاء الفرصة للتركيز على أشياء أخرى.
- والحقيقة بالفعل أن الفيلم كان بحاجة ماسة لنصف ساعة أخرى، فالفيلم انتهى على عجل، بل إنه حتى لم يصوّر المعركة الكبرى التي دارت في هوجوورتس عند قتل دمبلدور، لقد قام صانعو الفيلم بحذف ذروة القصة، فهل هناك غباء أكثر من هذا؟
- ناهيك عن عشرات التفاصيل الأخرى المحذوفة والتي كان لها أهمية فائقة في القصة، خاصة التفاصيل التي تمنح هاري المبرر لوقوفه مكتوف الأيدي أمام مقتل دمبلدور، حتى لا يظهر بالشكل المخزي الذي ظهر عليه في الفيلم.
- ثم أين الجنازة المهيبة لدمبلدور؟ تجاهل الفيلم تماما هذه النقطة، وهي من أهم مشاهد القصة، فكيف يمر موت دمبلدور – أحد أهم شخصيات السلسلة - بهذه البساطة والسهولة؟ كانت القصة المكتوبة مليئة بمشاعر الحزن والخوف والتوجس والتي سيطرت عليها من بدايتها لنهايتها، أما الفيلم فيميل إلى حد كبير إلى المرح مما يتناقض مع روح القصة، بل إن مشهد النهاية في الفيلم كان يحتوي على دعابة أخرى، بينما القصة تنتهي على حزن شديد وتوجس عظيم بخصوص المعركة الأخيرة المقبلة في الجزء السابع.
- اسم الفيلم هو هاري بوتر والأمير الهجين، وللأسف لم يشر الفيلم إلى الأمير الهجين الذي يحمل الفيلم اسمه سوى للمحات قليلة خاطفة أثناء الأحداث، بينما كانت هذه الشخصية الغامضة إحدى النقاط الأساسية التي دارت حولها الرواية.
- الفيلم فاشل تماما من الناحية الإنسانية، ليست هناك أي مشاهد يمكن أن تحرك المشاعر، إن هاري بوتر في الفيلم لم يذرف دمعة واحدة على أستاذه الميت. أيّ فشل حين نقارن هذا بالرواية التي وصلت إلى القمة في قدرتها على تحريك المشاعر؟
ومادام ديفيد ييتس مخرج هذا الفيلم هو أيضا الذي سيخرج الفيلم القادم – والذي سيتم تصويره على جزءين – فإن من حقنا أن نقلق على مستقبل هذه السلسلة من الأفلام التي يبدو أنها لن تنتهي بصورة جيدة كما بدأت.